رتشارد لينكليتر بتاعكو

بسبب وثائقي هانا پولاك الصفعة «حلم يولا» (أو «في انتظار شيء أفضل») باحاول اكتشف عالم هيلينا ترستيكوڤا ( بادعوكم نشوف فيلمها «رينيه» قريب) اللي عملت اللي عملته پولاك بس أربع مرات، بيتطابقوا مع بعض زمنيا في سنين معينة؛ تصوير أشخاص من عوالم الحضيض عبر سنوات طويلة–١٤ في حالة يولا، من طفولتها لريعان شبابها. شيء بطولي ملحمي رهيب. ومن شوية بالصدفة خلصت وثائقي مقالي رايق لإريك بودلير، بيسردوا فيه اتنين هم بنت فوساكو شيغينوبو قيادية الجيش الأحمر الياپاني وماساو أداتشي صانع الأفلام السفلية الجذري في الستينات، عن حياتهم بين لبنان والياپان. أداتشي بيفتكر مادة فيلمية حوالي ٢٠٠ ساعة فقدها ف بيروت في ١٩٨٢، ومش فاكر منها بتأثر وحسرة غير طفل صوره وهو بيكبر لحد ما بقى شاب ميليشياوي عبر السبعينات وبداية التمانينات. وييجي واحد عامل فيلم أمريكاني عائلي زي لينكليتر يحصد الإعجاب والجوايز عشان صور فيلم في ١٢ سنة مدة الأحداث الفعلية من ناحية كأن دا اختراعه ومن ناحية كأنه عمل بيه شيء له أي قيمة غير الإبهار.

ما وراء الرعب

خرجت من «تصبحين على خير يا ماما» والناس عموما بتضحك من الصدمة أو الغرابة، أو قرفانة سواء من الملل أو التزويد أو الغثيان النفسي. قبل ما اشوف المصري كاتب عن جماليات أفلام الرعب أو ليلى عن المشاكل الخاصة بالأم، شفت برة القاعة آيرِس، وهي كاتبة ومنتجة أسپانية-ألمانية. كانت كاشّة برضو بس بدأت تتكلم عن الشخصية الشمال أوروپية المغلقة على عالمها السري المظلم وتقل الثقافة الدينية الكاثوليكية المتزمتة أخلاقيا والمنضبطة سلوكيا. واتكلمِت عن هانِكه وصلته بالفيلم زي المصري برضو بس من الناحية دي كمان. فكرت إن النمسا هي المكان اللي طلع منه هتلر، أكبر فيلم رعب حديث. وفكرت ف المستوى التحتي دا للأفلام، خصوصا الرعب والپوليسي والخيالي. مؤخرا كان فيه تحليلات من النوع دا لسلاسل «هاري پوتر» و«الفتاة ذات التنين الوشم»، وجدل في الغارديان حوالين المغزى الأيديولوچي لقصص الرعب مقابل القصص الپوليسية. فكّرت آيرس بـ «٨.٥» ومشهد عقاب غيدو الطفل في الدير، وازاي كان كوميدي وجنوبي بس فضل قاسي ومرعب وبرضو بيشكل وجدان طفل، وكمان بفيلم فريد من بلدها هو «روح خلية النحل» عن طفلة مسكونة بالرعب خصوصا بعد ما شافت «فرانكنشتاين» في سينما متجولة واتعرضت لتجربة غريبة. التحليل السائد للفيلم إنه تصوير لحالة أسپانيا بعد الحرب وتحت بقايا الفاشية ف آخر أيام فرانكو. يمكن في الحالة دي الرقابة فرضت تناول استعاري، ودي مش حالة الفيلم النمساوي، اللي يمكن الخلفية اللي آيرس رجعته ليها فرضت نفسها فيه بخبث كأنه لا وعي الفيلم وصناعه.

سينيفوبيا

رغم إن أروى صالح بتفكر في السينما في رسالة لصديق في آخر كتابها كإجابة مرجحة لسؤال إيه اللي ممكن تعمله (جزئيا لأنها عمل جماعي)، بعد ما كانت ذكرت السينما مبكرا كمثال على الاهتمامات اللي كان ممكن تبقى تهمة جاهزة بالبورجوازية عند يسار الستينات، إلا أنها كمان بتختم كتابها دا بتشكيك واضح في قيمة وجدوى الحياة في عالم الكتب. ودا خلاني أفكر في الحياة في عالم السينما. مع إني عارف المحامل المختلفة للي قاله لنا خالد مؤخرا عن السينما كملجأ لينا في الأوقات دي – وانا شخصيا باقول كلام شبه دا عن النشاط الثقافي والفكري والفني المحموم في القاهرة بعد ما شوارعها اتاخدت مننا – إلا إني قلقت. أروى صالح بتقول كمان، في ملاحظة ختامية عن استمرار إيمانها بصحة الماركسية فيما يخص الفن، إن الفن اللي مالوش علاقة بالحياة “مزاج طبقة شبعانة موت”. ولأن أي فن مهما عمل هيبقى له علاقة ما بالحياة فالفكرة دي محتاجة تتفهم بشكل أعقد مما يبدو على السطح. الخلاصة إني الفترة اللي فاتت، خصوصا في أيام سينمائية مفترجة زي دي، وكلام أروى صالح زاد الطين بلة هو واللي قريته ضمن شغلي الشهر دا عن حركة سينما نوڤو وأزمتها ف نص الستينات، باخاف من السينما. زي ما بنسأل نفسنا من حين لآخر ما هي السينما، ضروري كمان نسأل ليه وازاي.

خلاصة مبكرة لمراجعة بعنوان “عن الأمومة والغياب”

أم غايب فيلم جميل على نحو معلِّل لأنه مرتبك بنائيا وأسلوبيا، بروحين تتنازعانه، ويراوح مكانه في منطقة آمنة يحاول أن يضمن فيها ما ضمنه بالفعل فنا ومضمونا. كان بإمكانه مَشكلة الأمر والمضي أبعد، نحو استكشاف يحسم الوجود الحذر والخجل والمتأدب والمتلعثم لمخرجته. هذه المنطقة الآمنة على أي حال تتجاوز الإنتاج الوثائقي السائد في البلد، سواء من الروح الأولى المهيمنة (التليفزيونية إن جاز التعبير) أو من الثانية (المبتدِعة) التي لعلها تنطلق بلا استحياء على يد جيل جديد. كان يمكن لهذه الحيرة نفسها أن تُضم إلى عالم الفيلم، نحو ارتباك سيظل ولكن أجمل وأكثر حيوية وتأملا وتفكيرا وانفتاحا، بدلا من الطمع في فيلم كامل مقفول.و لو أن حمل حنان قد اكتمل فأين كان الفيلم سيذهب إلى أكثر من مجرد قصة نجاح بنهاية سعيدة؟ وطالما أنه لم يكتمل لماذا سكت إلى الأبد صوت حنان واختفى وجهها وواجهنا صمت القبور؟ ألم يكن هذا تأكيدا على النظرة التي تقتل حنان؟